القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
47835 مشاهدة
الحفظة وكتابة الحسنات والسيئات


يقول: وأن على العباد حفظةً يكتبون أعمالهم، ولا يسقط شيء من ذلك عن علم ربهم. قال تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ؛ أي وَكَّلَ الله تعالى بكل إنسان مَلَكَيْنِ؛ ملكٌ يكتب الخير، ومَلَكٌ يكتب الشر، مَلَكٌ يكتب الحسنات، وهو الذي على اليمين، ومَلَكٌ يكتب السيئات، وهو الذي على الشمال، رقيب عتيد، قال الله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ ؛ يعني الْمَلَكان، يعني اللذان يتلقيان أعماله عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ كل منهما قاعد مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ ؛ يعني ما يتكلم من كلمة أو يفعل من حركة إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ الرقيب والعتيد هما الملكان.
فعلى كل إنسان حفظةٌ يحفظون عمله دقيقه وجليله؛ مع أن أعماله مكتوبة قبل ذلك، وكذلك معرفة حالته وسعادته وشقاوته لا يَعْزُبُ عن ربنا مثقال ذرة، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض.